كونوا أنصار الله
18K subscribers
20.4K photos
1.56K videos
2.69K files
12.4K links
منصة ثقافية تتبع المركز الإعلامي لأنصار الله، مخصصة لنشر الثقافة القرآنية وتغطية محاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي.. تابعونا على تويتر (X):
https://x.com/Kono_AnsarAllah
Download Telegram
📄 (2) دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول)) 6-2
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

t.iss.one/KonoAnsarAllah
دروس من هدي القرآن الكريم
🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثالث
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/2/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
ونحن نحذر دائماً من أن يضع الإنسان لنفسه خطاً فإذا رأى بـأن ظـروف المعيشة هيأته إلى أن يتفرغ أكثـر مـن جانـب من جوانب العبادة كالصلاة مثلاً ثم يستمع موعظة هنا وموعظة هناك مرة أو مرتين ثم يقول: الحمد لله اكتفيت.
تأتي المتغيرات، وتأتي الأحداث، ويأتي الضلال، والخداع والتلبيس بالشكل الذي ستكون أنت ضحيته، يكاد يضحي حتى بأولئك الكاملين، بعض المتغيرات، وبعض الأحداث، وبعض وسائل التضليل، وأساليب الخداع تكاد تخدع الكبار، أولئك الذين يدعون دائماً ((وبلغ بإيماننا أكمل الإيمان)).
ألم يذكر القرآن الكريم عن خداع بني إسرائيل، عن خداع اليهود أنهم كادوا يضلون رسول الله (صلوات الله عليه وآله)؟ كادوا يضلونه لولا فضل الله عليه ورحمته، أولئك الناس الذيـن كانـوا يجاهـدون تحـت رايتـه ألـم يكونـوا يتعرضون للتثبيط فيتخاذلون مـن جانـب المنافقيـن، وهم من يسمعون كلام رسول الله (صلوات الله عليه وآله)؟
هكذا إذا أنت لم ترب نفسك، إذا أنت لم تنم إيمانك ووعيك، فإن المنافقين هم من ينمون نفاقهم، هم من يطورون أساليبهم حتى يصبحوا مردة، يصبحوا خطيرين قادرين على التأثير، قادرين على ضرب النفوس، {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُـمْ نَحْـنُ نَعْلَمُهُـمْ سَنُعَذِّبُهُـمْ مَرَّتَيْـنِ} (التوبة: من الآية101) من خبثهم استطاعوا أن يستروا أنفسهم حتى عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، استطاعوا أن يستروا أنفسهم حتى عن بقية الناس، أنهـم منافقـون، ثـم تنطلـق منهـم عبارات التثبيط، عبارات الخذلان فيؤثرون على هذا وعلى هذا، وعلى هذا، تأثيراً كبيراً، هؤلاء مردة، كيف أصبحوا مردة؟ لأنهم هم من يطورون أساليب نفاقهم، من ينّمون القدرات النفاقية داخـل أنفسهـم.
فأنـت يـا من أنت جندي تريد أن تكون من أنصار الله، ومن أنصار دينه في عصر بلغ فيه النفاق ذروته، بلغ فيه الضلال والإضلال قمته يجب أن تطور إيمانك، أن تعمل على الرفع من مستوى وعيك.
فإذا لم يكن الناس إلى مستوى أن يتبخر النفاق أمامهـم، أن يتبخـر التضليـل أمامهـم فإنهـم هم - قبل أعدائهم - من سيجنون على أنفسهم وعلى الدين، وعلى الأمة، كما فعل السابقون، كما فعل أولئك الذين كانوا في ظل راية الإمـام علـي (عليه السلام)، وفـي ظل راية الحسن (عليه السلام)، وفي ظل راية الحسين (عليه السلام)، وفي ظل راية زيد (عليه السلام).
كان الإمـام زيـد (عليـه السـلام) يقـول: ((البصيرة، البصيرة))، يقول في ذلك القرن في مطلع القرن الثاني: ((البصيرة، البصيرة)) يدعو أصحابه إلى أن يتحلوا بالوعي، ألم ينهزم الكثير ممن خرجوا معه؟ ألم يتفرقوا عنه؟ لأنهم كانوا ضعفاء البصيرة، كانوا ضعفاء الإيمان، كانوا قليلي الوعي، أدى إلى أن يستشهد قائدهم العظيم، أدى إلى أن تستحكم دولة بني أمية من جديد.
رأينـا ماذا عملوا، جنوا على الأمة من جديد، فتحملوا أوزار من بعدهم، وهكذا، الهزيمة في مجال العمل لله، ضعف البصيرة في مجال العمل لله، ضعف الإيمان في مجال العمل لله قد يجعلك تترك أثراً سيئاً تتحمل فيه أوزار الأمة، وأوزار الأجيال من بعدك، ليست قضية سهلة، بل خطورة بالغة، خطورة بالغة هي أخطر بكثير من تخاذل الطرف الآخر عن بعضهم بعض، لهـذا رأينـا مـاذا حصـل في أحد - وهو درس مهم - عندما تخاذل أصحاب الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، عندما بدأوا يتنازعون، بدأ الفشل، بدأ العصيان، وهم تحت قيادة النبي (صلوات الله عليه وعلى آلـه) مـاذا حصـل؟ هيـئ لهـم أن يُضربوا بالكافرين فعلاً، {وَمَـا أَصَابَكُـمْ يَـوْمَ الْتَقَـى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (آل عمران: من الآية166). لتفهموا أن تخاذلكم ليس سهلاً بل هو جناية على الأمة، جناية على الرسالة، لكن إذا تخاذل جند أبي سفيان هل سيتحمل أولئك المتخاذلون شيئاً؟ لا. مطلوب منهم أن يخرجوا عما هم عليه، لكنك أنت متى تخاذلت وأنت تحت راية محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) فأنـت مـن تهيـئ الساحـة لأن ينتصـر الجانب الآخر جانـب الكفـر، فستجنـي علـى الرسالة، وتجني على البشرية كلها.
أنا أعتقد أن الفساد في العالم كله، المسلمون الأوائل الذين تخاذلوا، المسلمون الأوائل الذين حرفوا، المسلمون الأوائل الذين قعدوا عن نصر دين الله هم من يتحمل جريمة البشرية كلها، لأنهم هم من حالوا دون أن تكون هذه الأمة بمستوى النهوض بمسؤوليتها، فتحمل الرسالة إلى كل بقاع الدنيا. كان هذا هو المطلوب من العرب. لكن أولئك أصحاب الجباه السوداء من طول السجـود تحـت رايـة الإمـام علي (عليه السلام)، الذين تحولوا إلى خوارج بجهلهم بغبائهم، لعدم وعيهم.
من الوعي أن تفهم هذه النقطة، من الوعي أن يفهم المؤمنون هذه النقطة الخطيرة: أنه فيما إذا تخاذلت أنا فسيكون تخاذلي جناية على الأمة في الحاضر والمستقبل، وسأكون أنا من يتحمل أوزار من بعدي، أوزار كل من ضلوا، وفسادهم وضلالهم من بعدي جيلاً بعد جيل، عندما تخاذل أولئك عن نصرة الإمام علي (عليه السلام)، لضعف وعيهم وقلة إيمانهم، مع كثرة ركوعهم وكثرة تلاوتهم للقرآن، فهم من حالوا دون أن تسود دولة الإمام علي (عليه السلام) ويهزم جانب النفاق والتضليل، جانب معاوية.
ماذا لو كانوا من أصحاب الإيمان الكامل وانتصر بهم الإمام علي (عليه السلام)؟ كيف سيكون واقعهم عند الله؟ سيكونون عظماء، وسيكونون مشاركين لكل إنسان مؤمن يهتدي في هـذه الدنيـا، لو وقفوا وقفة جادة مع الإمام علي (عليه السلام) لانتصر الإمام علي، واستطاع أن يغير وجه التاريخ، واستطاع أن يغير هذه الأمة فيردها إلى التربية نفسها التي أراد لها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أن تتربى عليها.
كان يقول: ((لو استقرت قدماي في هذه المداحض لغيرت أشياء)) أشياء خطيرة كانت قد ترسخت. لماذا لم يقفوا معه ليتمكن من تغيير تلك الأشياء، ومن إعادة بناء الأمة على أساس صحيح فيحظوا بالسبق فيكونوا كالسابقين في بدر، ولكن تخاذلوا لضعف وعيهم، لقلة إيمانهم.
((وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)) حتى وإن كان هو زين العابدين (عليه السلام)، مـا يـزال ذلك الرجل الذي يقطع ليله في العبادة، ويجوب شوارع المدينة يحمل الطعام فوق جنبه، فوق ظهره يوزعه للضعفاء والمساكين والأرامل، من حيث لا يشعرون، هو من كان لا يزال يدعو: ((وبلغ بإيماني أكمل الإيمان))، ليقول للناس من بعده، وهي الكلمة نفسها التي رفعها زيد لأصحابه: ((البصيرة.. البصيرة)) فلم يستبصروا، تخاذلوا فقتل، واستعاد بنو أمية حكمهم من جديد.
نحـن نقـول: ليـس فقـط بنـو أميـة الذين يتحملون أوزار هذه الأمة، بل وأولئك الذين تخاذلوا تحت راية الإمـام علـي، مـن صـف الإمام علي، ومن صف الإمام الحسن، ومن صف الإمام الحسين، ومن صف الإمام زيد ومن بعده من الأئمة كل من تخاذلوا هم ممن يتحمل الأوزار الكثيرة. ليس فقط أوزار العرب - هذه خطورة تخاذلنا نحن العرب - العرب إذا تخاذلوا فإنهم يتحملون حتى أوزار الآخرين من الأمم الأخرى، لأنهم هم لو استقامت دولة الإسلام في وسطهم، لو استقرت وضعيتهم، وكانوا على صراط الله وهدي الله، فإنهم من سيستطيعون أن يغيروا وجه هذه الأرض بكلها، فكل تخاذل أنت مشارك فيه وزر ذلك الرجل في طرف استراليا، أو في المكسيك، أو في أمريكا أو في أي منطقة.
خطورة هذه على العرب أكثر من غيرها فعلاً، لأن الله قال فيهـم: {كُنْتُـمْ خَيْـرَ أُمَّـةٍ أُخْرِجَـتْ لِلنَّـاسِ} (آل عمران: من الآية110) لتهدوا الناس فإذا تخاذلتـم عن أن تقوموا بهذه المهمة فإنكم شركاء في أوزار الناس، كل الناس. مـن الذي كان بإمكانه أن يبلغ هذا الدين؟ الـذي كتابـه عربي ولسانه عربي وأعلامه عرب؟ إلا العرب أنفسهم لكنهم تخاذلوا فرأينا ما رأينا. من أين يأتي التخاذل؟ من ضعف الإيمان، من ضعف الإيمان.

t.iss.one/KonoAnsarAllah
في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول 6-3
السيد حسين بدرالدين الحوثي
🎧 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول)) 6-3
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

t.iss.one/KonoAnsarAllah
في_ظلال_دعاء_مكارم_الأخلاق_الدرس_الأول_6_3.pdf
460.2 KB
📚 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول)) 6-3
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

t.iss.one/KonoAnsarAllah
📄 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول)) 6-3
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

t.iss.one/KonoAnsarAllah
دروس من هدي القرآن الكريم
🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الرابع
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/2/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
ويقول (عليه السلام): ((واجعل يقيني أفضل اليقين)) يكون الوعي أحياناً بشكل معلومات مهما بلغت درجته، يكون بشكل معلومات في نفسك حتى يطمئن إليه قلبك ويستقر في قلبك فتبلغ درجة اليقين التي تؤهلك للاستقامة والثبات.
أليس القرآن الكريم هو أرفع درجات الوعي؟ احمل مصحفاً صغيراً في جيبك هل ستكون واعياً إلى درجة عالية؟ لا. قد تكون في أعمالك بالشكل الذي يضرب القرآن وهو في جيبك. لابد للأشياء أن تنتهي في نفسك إلى درجة اليقين، تترسخ فتنطلق هي لتجعل من قوامك مستقيماً مستقراً ثابتاً {إِنَّ الَّذِيــنَ قَالُـــوا رَبُّــنَــا اللَّهُ ثُـــمَّ اسْتَقَامُـــوا} (فصلت: من الآية 30) {قَالُـوا رَبُّنَـا اللَّهُ} قالوها بألسنتهم فوعوا معانيها، ثم ترسخت في أنفسهم بشكل يقين فاستقاموا، استقاموا وثبتوا.
اليقين هو معنى أن تكون عظيم الثقة بالله. ألسنا نؤمن - كمعلومات - أن الله علـى كـل شيء قدير؟ وأن الله سينصر من نصره إن الله لقوي عزيز؟ ألسنا نؤمن بأن الله مع الذين آمنوا؟ وأن الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور؟ وأنه وعد المجاهدين في سبيله بأن يؤيدهم بنصره وبملائكته؟ هذه مجرد معلومات. أليس كذلك؟
لكن نريد أن تصبح يقيناً في أنفسنا، يقيناً في أنفسنا، حينها نلمس أننا أصبحنا عظيمي الثقة بالله، واثقين بالله، واثقين بصدق وعده. هذه حالة نفسية تحتاج فيها أيضاً إلى أن ترجع إلى الله لتطلب منه هو: ((واجعل يقيني أفضل اليقين)).
الله هو الذي يملك القلوب، ويملك النفوس وهو الذي سيهيئ لك الكثير والكثير مما يصنع اليقين في نفسك، مما يملأ قلبك يقيناً وطمأنينة.
وحتى لا نغلط أن نقول: نحصل على وعي، ولكننا نرى أنفسنا ليس وعينا أكثر من مجرد معلومات، هي نفسها غلطة كغلطة من يضع لنفسه خطاً هناك، أنت ستضع لنفسك أيضاً خطاً هنا: علمت من خلال التحليل الفلاني للآية الفلانية، من خلال مشاهدات معينة، من خلال كذا أو كذا. حـاول أن تنطلـق إلى أن ترسخ هذه كلها في نفسك لتتحول إلى يقين، وإلا فستكون أيضاً جندياً ضعيفاً ومؤهلاً لأن تُضرب في دينك وأمتك من جديد.
هي الحالة التي نعاني منها جميعاً نحن المسلمين، أليس القرآن بين أيدينا؟ أولسنا بعيديـن عنـه؟ مـا الذي ينقصنا؟ هل هو العلم بأن القرآن من عند الله؟ نحن نعلم جميعاً لكن مجرد معلومـة. مـا الذي يجعلنا نتعامل مع القرآن بالشكل الذي يجعل علمنا به واقعاً في نفوسنا، واقعاً في سلوكنا، في حركتنا في الحياة؟ هو اليقين، يقين في النفس يتحكم في كل مشاعرها، في كل حركاتها، في كل مواقفها.
أنت هنا تحتاج حاجة ماسة إلى الله، إلى أن تطلب منه هذا الجانب المهم من هدايته، أن يرسخ اليقين في نفسك. ((واجعل يقيني أفضل اليقين)) إذا لم يكن لديك يقين، فما أكثر مـا تمـر فـي حياتـك بالأشياء التي تجعلك ترتاب، تجعلك تشك، تشك في نفسك، تشك في أعلام الهدى الذين أنت تتمسك بهم، تشك حتى في ربك، هناك من المضلين من يستطيع أن يجعل الكثير يشكون حتى في الله.
أو لم تنتشر [الشيوعية] في بقعة كبيرة من الدنيا في أوساط البلدان الإسلامية؟ أو لم يكن هناك من يظهر من بينهم فيتحدى المسلمين، ويتحدى علماء المسلمين، يناظرهم، هناك فلاسفة برزوا من بينهم يستطيعون أن يصيغوا الشـُّبَه، وينمقوا بزخارف القول باطلهم الـذي يـؤدي إلـى الإلحاد بالله سبحانه وتعالى فخدعوا شعوباً كثيرة.
إذا لم يكن لديك يقين فستسمع الكثير، الكثير مما يعمل على أن يملأ قلبك ارتياباً وشكاً في طريقتك التي أنـت عليها، فيمن يقودك، فيمن يهديك، حتى في الدين الذي أنت عليه، حتى في الإله الذي أنت تعبده.
{إِنَّ الَّذِيـنَ قَالُـوا رَبُّنَـا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (فصلت: من الآية 30) {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِيـنَ آمَنُـوا بِاللَّهِ وَرَسُولِـهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} (الحجرات: من الآية 15) وصل إيمانهم إلى درجة لا يمكن أن يتعرض للارتياب، لا يمكن أن يؤثر فيه من يعمل على أن يخلق في القلوب الارتياب. {ثُـمَّ لَـمْ يَرْتَابُـوا} مـاذا يعنـي هذا؟ يقيـن. تحول إيمانهم إلى يقين راسخ في نفوسهم، وعي كامل ترسخ بشكل يقين في أعماق نفوسهم فلم يتعرضوا للارتياب لا من خلال شكوكهم هم ووساوس الشيطان لهم، ولا مـن خـلال الآخريـن مـن يعملـون على محاربـة هـذا الدين، ومحاربة من يؤمن به، ويتحرك في سبيله.
ثم يقول (عليه السلام): ((وانتهِ بنيتـي إلـى أحسن النيات)) النية نفسها مهمة جداً، هي قصدك وأنت تتحرك في مختلف ميادين العبادة لله سبحانه وتعالى، توجهك، هي النية التي تجعل لعملك قيمة أو تجعله لا قيمـة لـه حتـى وإن سقطـت ضحيـة في الميدان، وليست تلك النية التي تجعل كل قطرة من دمك تتحول إلى مسك يوم تبعث بين يدي الله، إذا لم تكن نيتك هي النية التي تجعل روحك تعيش في عالم آخر حياً فستكون أعمالك كلها لا قيمة لها، بذلك كله لا قيمة له، تضحياتك كلها لا قيمة لها.
ولأهمية النية تتكرر في القرآن الكريم - وهو يأمر عباده في مختلف مجالات ميادين العبادة - أن عليهم أن يتوجهوا بعبادتهم إليه {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (البينة: من الآية 5) {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (الكهف: من الآية 110) وعن الجهاد يقول دائماً فيه: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أليس كذلك؟ هل تفهموا هذه؟
تتكـرر هـذه، يقـول لـك: يجـب أن يكـون توجهـك وتكون نيتك وقصدك وأنت تتحرك في ميادين العمل في سبيل الله، ميادين أعمال الجهاد أن يكون ذلك كله في سبيل الله، من أجل الله من أجل نصر دينه، من أجـل إعـلاء كلمتـه. لا أريـد من هـذا أن يقـدر لـي عملي، ولا أريد من هذا أن يشكرني على ما عملت، ولا أريد من هذا أن يعلم ماذا صنعت ولا أريد من هذا أن يعلم أثـر مـا قدمـت، أريـد ممن يعلم الغيب والشهادة هو وحـده أن يكتـب لي أجر ما عملت، وأن يتقبـل منـي مـا عملـت وبدون منّة عليه. سأقول له: هذا هو أقل قليل يمكنني أن أعمله، هذا هو ما يمكننـي أن أعملـه وهو قليل يا إلهي في جانبك، هو قليل في جانبك، هو قليل في جانب ما يجب علي لك.
فمـا أكثـر مـا تكـررت كلمـة: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أو تأتـي أحيانـاً بأبلـغ منهـا {فِي اللَّهِ} {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} (الحج: من الآية 78) {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69).
ثم أنت حتى تتمكن أن تقطع على نفسك ألا تلتفت إلى غيـر الله، وأنـت تنطلـق فـي الأعمـال العباديـة بمختلف أنواعها قارن بين الله وبين الآخرين الذين تحاول أن يلتفتوا إليك ليقدروا عملك، أو يشكروا جهدك، أو يثنوا عليك ما قيمة ثنائهم عليك؟ ما قيمة تقديرهم لعملك؟ مـاذا يمكـن أن يصنعـوا لك بجانب مـا يمكـن أن يصنعـه الله لـك؟ قارن بين الله وبين الآخرين، ستجد أنه ليس هناك أحد بمستوى أن تشركه في ذرة من عملك، في مستوى أن ترجو منه أقل قليل، قد يكون في مقابل أن تفقد الكثير، الكثير من ربك.
ليعظم الله في أنفسنا حتى يصغر كل ما سواه في أعيننا. الإنسان الذي يرائي، الإنسان الذي ينتظر الثناء من الآخرين، الذي ينتظر الجزاء من الآخرين هذا هو إنسان ليس لله في نفسه ذرة من شعور بالعظمة، هذا هو إنسان فعلاً يؤلّه الإنسان أكثر مما يؤلّه رب العالمين، هذه هي الحماقة بنفسها، هذا هو الغباء بنفسه، هذا هو الضلال بعينه، هو ضياع الأعمال والجهود.
الإخلاص لله هو صمام الأمان في ميادين العمل أيضاً. إذا انطلق الناس وكلهم مخلصون لله سيخلصون في السر وفي العلن، وفي السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، وسيخلص سواء هو أمام فلان أم ليس أمامه، سيخلص في أي عمل يقوم به سواء رآه أحد أم لم يره أحد، سيكونون هم مجموعة يحافظون على توحدهم علـى أرقـى درجـات مـا يمكن أن يصل إليه الناس في توحدهم، فما يفرق بين الناس إلا هذه المشاعر مشاعر الرياء. [أنا تحركت فلم يقدروا جهودي، هؤلاء لا يصلحوا]. فتذهب من عندهم، والآخر يذهب، والآخرون يذهبون من عندك، وهكذا.
لكن إذا انطلـق النـاس مـن أجل الله فما الذي سيفرق بينهم حينئذٍ؟ سيكونون جميعاً نفسياً مهيئين لأن يقبلوا توجيهاً واحداً هو هدي الله، لأنه ليس في نفوسهم شيء آخر بديل، ليس لدينا مطامع شخصية، ولا مقاصد شخصية، لا مادية ولا معنوية، وبالتالي فما الذي يحول بيني وبين أن أقبل هديـاً واحـداً مـن جانب الله، أسير عليه أنا والآلاف من زملائي؟
إنما أحياناً لا تسير مجموعة مكونة من عشرة أشخاص إذا كـان داخلها مـن لـه رؤى أخـرى يعمـل علـى بناء شخصيته - كما يقولون - أن يكون هو مفكراً، أن يكون لـه حق التفكير، وحق إبداء الرأي، أن يكون هو الذي له حق أن يجتهد، وله حق أن ينظر، وله حق. وله حق. إلى آخره. يملأ رأسه بالحقوق الشخصية له، وحينئذٍ فأي جانب من التوجيهات هي من داخل القرآن الكريم سيعمل على أن يدفعها.
فإذا كان زميله هذا أو ذلـك ممـن يمكن أن يقبل ذلك التوجيه من الله سبحانه وتعالى، لأنه ليس لهم هناك قائمة للحقوق الشخصية داخل نفوسهم فإنه وهم لن ينسجموا. بل ستكون حركته في الساحة مختلفة عن حركتهم، وسيعمل على أن يصنع في الساحة نسخاً من نوعيته في الناس، وهذا هو نفسه من أهم بواعث التفرق، ذلك التفرق الذي يصبغ كل طرف فيه ما هو عليه بصبغته الدينية فيضفي على تفرقه وخلافه صبغة دينية.
النـاس إذا ذابـوا في الله سبحانـه وتعالى قبلوا جميعاً كلمته الواحدة، هديه الواحد. ألم نقل أمس في المحاضرة أن هناك نموذج مهم لهذا الجانب هو أنبياء الله علـى اختـلاف أزمنتهـم، وأمكنتهـم، تلمس فيهم روحيـة واحـدة، وصفـاً واحـداً، بـل يعطـون الموثـق والشهادة لله، والعهد لله: أنه إن بعث الله محمداً (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يقفوا جنوداً معه أن ينصروه، أليس هذا هو قمة الذوبـان فـي الله؟ وهـم أنبياء مكانتهم عالية.
مـا الـذي جعلهـم على هذا النحو؟ إلغاء تلك القائمة الطويلة العريضة في نفوسهم: لي حق أن أكون كذا، ولي حق كذا. ولماذا لم يعتدوا برأيي، ولي حق إبداء نظري ولي حق. ولي، ولي. الخ.
أنت تستطيع أن تنفع الإسلام، وتستطيع فعلاً أن تنطلق في الساحة فتقيِّم كل شيء، تنظر إلى أعمال الآخرين من أعداء الله فتراقبها عن كثب ثم ارفع وجهات نظرك إلى الآخرين ممن تراهم قادة لك أو أعلاماً لحركتك، وهم إذا كانوا مخلصين، مهتمين سيكونون ممن لا ينظرون نظرة احتقار إلى أي شخص مهما كان، فبإمكانه أن يذكرنا بقضية مهمة، ألم يتمكن [هدهد] من أن يدل أمـة بكاملها بملكتها على أن تسلم؟ ألم يستفد سليمان (عليه السلام) من نملة واحدة؟
الكـل بحاجـة إلـى أن يذوبـوا في الله، والكل بحاجة إلى أن يتحركوا بجدية، وكل واحد منهم يتحرك وكأنه هـو القائـد، وكأنـه هو المعني بكل شيء، وكأنه هو المسؤول عن كل شيء، وكأنه هو من عليه أن يهتم بكل شيء، بشكل مراقبة لواقع الآخرين وأعمال الآخرين، وأي قصور أو تثبيط أو تخـاذل يحـدث من جانب الآخرين من زملائه.
ثـم ليقـدم كل معلوماته لمن يرى أنهم هم من يقودون أعماله، من يتحرك هو وهم في سبيل الله سبحانه وتعالى وفي مواجهة أعدائه.

t.iss.one/KonoAnsarAllah
6_4_في_ظلال_دعاء_مكارم_الأخلاق_الدرس_الأول.pdf
468.7 KB
📚 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول)) 6-4
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

t.iss.one/KonoAnsarAllah