كونوا أنصار الله
18.2K subscribers
20.5K photos
1.57K videos
2.71K files
12.4K links
منصة ثقافية تتبع المركز الإعلامي لأنصار الله، مخصصة لنشر الثقافة القرآنية وتغطية محاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي.. تابعونا على تويتر (X):
https://x.com/Kono_AnsarAllah
Download Telegram
دروس من هدي القرآن الكريم
🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الأول
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/2/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ وسلم على محمد وعلى آله الطاهرين.
الحمد لله رب العالميـن، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَـا كُنَّـا لِنَهْتَـدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (الأعراف: من الآية 43).
في دعاء مكارم الأخـلاق - للإمام زيـن العابديـن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) - فيه ما ينبه على أشياء كثيرة مما يجب أن يكون الإنسان فيها راجعاً إلى الله يطلبها منه، يطلب الهداية إليها منه، يطلب التوفيق إليها منه.
ليس هنالك آلية مبرمجـة للهداية بحيث أن الإنسان ممكن أن يوفرها، لا بد من الرجوع إلى الله، أن نطلب من الله الهداية، أن نطلب من الله التوفيق، أن نطلب من الله الاستقامة، أن يوفقنا للاستقامة، أن نطلب من الله أن يثبت خطانا، أن نطلب من الله أن يسدد أقوالنا.
الإنسان لا يستطيع من خلال الاعتماد على نفسه أن يحقق لنفسه الهداية، والتوفيق في المجـالات التي ترتبط بحيـاته، وبما يتعلق بآخرته، هنا يقول الإمام زين العابدين (صلوات الله عليه): ((اللهم صـل علـى محمـد وعلى آلـه وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)) هـو علـى مـا هـو عليـه من العبادة والتقوى لم يحدث في نفسه غرور، ولا إعجاب بحالته التي هو عليها، وهو من سُمّي - لما كان عليه – (زين العابدين، وسيد الساجدين) ما زال يطلب من الله أن يبلغ بإيمانه أكمل الإيمان.
القرآن الكريم تضمن في آياته الكريمة داخل سور متعددة الحديـث عن الإيمان، وأعلى درجات الإيمان، وأكمل الإيمان، مـن مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (الأنفال:2) ومثـل قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات:15).
مطلب مهم، وغاية تستحق أن يسعى الإنسان دائماً إلى الوصول إليها: أن تطلب من الله أن يبلغ بإيمانك أكمل الإيمان. لا ترضى بما أنت عليه، لا تقف فقط على ما أنت عليه فتضع لنفسك خطّاً لا تتجاوزه في درجات الإيمان، وفي مراتب كمال الإيمان.
من يرضى لنفسه أن يكون له خطّ معين لا يتجاوزه في إيمانه فهو ممن يرضى لنفسـه بـأن يظـل تحـت، وأن يظل دون ما ينبغي أن يكون عليه أولياء الله. الإنسان المؤمن هو جندي من جنود الله، وميدان تدريبه، ميدان ترويضه ليكون جندياً فاعلاً في ميادين العمل لله سبحانه وتعالى هي الساحة الإيمانية، ساحة النفس، كلما ترسخ الإيمان في نفسك كلّما ارتقيت فـي درجات كمال الإيمان كنت جندياً أكثر فاعلية، وأكثر تأثيراً، وأحسن وأفضل أداء.
نحن نرى الدول كيف تختار من داخل الجيش فرقاً معينـة تدربهـا تدريبـات خاصـة، تدريبـات واسعة، وتدريبات شاملة لمختلف المهام، تدريبات على مختلف الحركات ليكون أولئك الجنود داخـل تلك الفرقة في مستوى الفاعلية لتنفيذ مهام معينة، مهام صعبة، وتلك المهام وتلك القضايا التي هي في ذهن رئيس دولة، أو ملك هي دون ما ينبغي أن يكون في رأس المؤمن في مياديـن العمـل لله سبحانـه وتعالـى، مهـام واسعة.
الجندي قد ينطلق في تنفيذ مهام كلها تنفيذية، كلها حركـة، لكـن جنـدي الله مهامـه تربويـة، مهامـه تثقيفية، مهامه جهادية، مهامه شاملة، يحتاج إلى أن يروض نفسه، فإذا ما انطلق في ميادين التثقيف للآخرين، الدعوة للآخرين، إرشادهم، هدايتهم، الحديث عن دين الله بالشكل الذي يرسخ شعوراً بعظمته في نفوسهم فإنه يجب أن يكون على مستوى عالٍ في هذا المجال، جندي الجيش العسكري في أي فرقة، لا يحتاج إلى أن يمارس مهام مـن هـذا النـوع، مهامه حركـة فـي حـدود جسمه، قفزة من هنا إلى هناك، أو حركة سريعة بشكل معين.
لكن أنت ميدان عملك هي نفس الإنسان، وليس بيته لتنهبه، وليس بيته لتقفز فوق سطحه، الجندي قد يتدرب ليتعلم سرعة تجاوز الموانع، أو سرعة القفز، أو تسلق الجدران، أو تسلق البيوت، لكن أنت ميدان عملك هو نفس الإنسان، الإنسان الذي ليس واحداً ولا اثنين، بل آلاف البشر، ملايين البشر، تلك النفس التي تغزى من كل جهة، تلك النفس التي يأتيها الضلال من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها.
فمهمة المؤمن يجب أن ترقى بحيـث تصـل إلـى درجـة تستطيع أن تجتاح الباطل وتزهقه من داخل النفوس، ومتى ما انزهق الباطل من داخل النفوس انزهق من واقـع الحيـاة، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّـرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: من الآية 11).
وأنت جندي تنطلق في سبيل الله سترى كم ستواجهك من دعايات تثير الريب تثير الشك في الطريق الذي أنت تسير عليه، تشوه منهاجك وحركتك أمام الآخريـن، دعايـات كثيـرة، تضليـل كثيـر ومتنـوع ومتعدد، وسائل مختلفة ما بين ترغيب وترهيب.
الجندي المسلح بالإيمان إذا لم يكن إلى درجة أن تتبخر كل تلك الدعايات، وكل ذلك التضليل، بل يستطيع أيضاً أن يجعلها كلها لا شيء - سواء إذا مـا وُجِّـهت إليـه، أو وجِّهت لمن هم في طريقه، لمن هم ميدان عمله - لأن هـذا هـو الواقـع، واقـع الحـق إذا مـا وجـد مـن يستطيع أن ينطق به، إذا مـا وجـد مـن يفهمـه، وفي الوقت نفسه يجد آذاناً مفتحة واعية فإنه وحده الكفيـل بـإزهـاق الباطـل بمختلـف أنواعه، ومن أي جهة كان، ومن أي مصدر كان {وَقُـلْ جَـاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81) زهوق بطبيعته إذا ما هاجمه الحق.
لكـن ذلـك الحـق الـذي يقدم بصورته الكاملة، ذلك الحق الذي يقدم بجاذبيته، بجماله بكماله، بفاعليته وأثره في الحياة هو الذي يزهق الباطل، لو قدم الحق في هذه الدنيا من بعد موت الرسول (صلوات الله عليه وعلـى آلـه) وترك لمثل الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) - ذلك الرجل الكامل الإيمان - لما عاش الضلال ولما عشعش في أوساط هذه الأمـة، ولمـا أوصلهـا إلـى مـا وصلـت إليـه من حالتها المتدنية.
غير صحيح، بل باطل أن يقال: بأن أهل الحق دائماً يكونون مستضعفين، وأن من هم على الحق دائماً يكونون ضعافاً، وأنه شأن الدنيا هكذا، إن هذا منطق من لا يعرفون كيف يقدمون الحق، منطق من لا يزال في ثقافتهم الكثيـر مـن الدخيل، من الضلال من قبل الآخرين، أيُّ منطق هذا أمام قوله تعالى: {وَقُـلْ جَـاءَ الْحَـقُّ وَزَهَـقَ الْبَاطِـلُ إِنَّ الْبَاطـِلَ كَـانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81)؟ إن الباطل كان زهوقاً بطبيعته، لا يستطيع أن يقف إذا قُدم الحق.
من الذي يمكن أن يقدم الحق؟ هو من يسعى دائماً لأن يطلب من الله أن يبلغ بإيمانـه أكمـل الإيمـان. عندمـا تكون متعبداً لله حاول دائماً أن تدعو الله أن يبلغ بإيمانك أكمل الإيمان، حـاول دائمـاً أن تبحـث عـن أي جلسة عن أي اجتماع عن أي شيء يكون مساعداً لك على أن يبلغ إيمانك أكمل الإيمان.
قد يرضى بعض الناس لنفسه حالة معينة فلا يرى نفسه محتاجاً إلى أن يسمع من هنا أو من هنا، ويظن بأن ما هو عليه فيه الكفاية وانتهى الأمر! لكن وجدنا كم من هذا النوع! أعداداً كبيرة لا تستطيع أن تزهق ولا جانبـاً مـن الباطـل في واقع الحياة، وفي أوساط الأمة! إذا كنت طالب علم فلا ترضى لنفسك بأن تكتفي بأن تنتهي من الكتاب الفلاني والمجلدات الفلانية، والفن الفلاني وانتهى الموضوع، وكأنك إنما تبحث عما يصح أن يقـال لك به عالم أو علامة! حاول أن تطلب دائماً، وأن تسعى دائماً بواسطة الله سبحانه وتعالى أن تطلب منه أن يبلغ بإيمانك أكمل الإيمان. كم في هذه الدنيا، وكم في أوساطنا من الكثير من نوعيتنا الذيـن نحن ندعي الإيمان، ولكننا نجد أن من يستطيعون أن يغيروا في واقع الحياة هم العدد القليل جداً من المؤمنين، أولئك الذين يسعون لأن يبلغ إيمانهم أكمل الإيمان، ويدعـون الله أن يبلغ بإيمانهم أكمل الإيمان، وإلا فالمؤمنون - إن صح التعبير - أو أدعياء الإيمان من نوعيتنا كثير، ومعنى أننا ندعي الإيمان أننا نمتلك الحق، لكن مـا بال هذا الحق الذي معنا لا يستطيع أن يزهق أي شيء من الباطل {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81)، لماذا لا يكون الباطل زهوقاً أمام الآلاف من مدعي الإيمان في مختلف المناطق؟
لماذا يكاد الحق يزهق من أنفسهم هم؟ ناهيـك عـن أن يزهقـوا الباطـل مـن نفـوس الآخريـن أو من واقع الحياة، ربما لأننا جميعاً مؤمنون من هذا النـوع الـذي يرضى بأن يرسم لنفسه خطاً معيناً لا يتجاوزه فيصبح ذلك الخط هو المانـع لـه دون أن يزداد معرفة، دون أن يزداد هدى، هـو الحاجز الذي يمنعه أن يبحث عن أي مصدر للهداية، أن يحضر في جلسة معينة، في مسجد معين، يستمع لشريط معين، يتدبر كتاب الله بشكل جـدي، يقرأ صفحات هذا الكون، ومـا أكثـر مـا يفيـد الإنسان النظر في هذا الكون، وتأملات حياة الناس في هذا العالم، وأحداث هذا العالم، ما أكثر ما تصنع من إيمان في نفسك!
هـل أحـد منـا يرى أن بينه وبين الإمام زين العابدين عليه السلام نسبة في فضله، في إيمانه، في كماله، في عبادته في تقواه؟ الفارق كبير جداً بيننا وبينه، لكنه ها هو يقول ويدعـو الله سبحانـه وتعالى. لماذا يدعو الله سبحانه وتعالى؟ لأن الإنسان - أحياناً - قد يعتقد بأنه قد اطّلع على مصادر الهدى كلها.
الإنسان بضعف إدراكه ومعرفتـه المحدودة - حتى وإن كان جاداً - يبدو لـه وكـأن مصـادر الهدى كاملة قد قدمت إليه وانتهى الموضوع، فلا يفكر أن يبحث أو أنه بحاجة إلى المزيد! هـذه حالـة تحصـل عند الناس لكن ارجع إلى الله هو الذي يعلم أنك بحاجـة إلـى المزيـد ليرشـدك هو إلى المزيد، وإلى المزيد من مصادر الهدى والمعرفة والإيمان.

t.iss.one/KonoAnsarAllah
في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول 6-1
السيد حسين بدرالدين الحوثي
🎧 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول)) 6-1
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

t.iss.one/KonoAnsarAllah
6_1_في_ظلال_دعاء_مكارم_الأخلاق_الدرس_الأول.pdf
466.9 KB
📚 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول)) 6-1
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

t.iss.one/KonoAnsarAllah
📄 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول)) 6-1
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

t.iss.one/KonoAnsarAllah
عام من العدوان والفشل الأمريكي البريطاني يوازيه عام من الانتصار والاسناد اليمني المستمر لغزة

شارك في حملة تغريدات كبرى على هاشتاقات:
#عام_من_الفشل_الامريكي
#مع_غزة_حتى_النصر

الموعد: الليلة الـ 9:00م بتوقيت صنعاء الـ 8:00م بتوقيت القدس الشريف

بنك التغريدات: cutt.ly/yrofusf

‌‌‎ 👉 انضموا إلينا 👈
تسبيح رجب للإمام علي عليه السلام

t.iss.one/KonoAnsarAllah
دروس من هدي القرآن الكريم
🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/2/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
لا تقل في نفسك: يكفي، يبدو أنني قد فهمت من خلال شهر معين من خلال سنة معينة من الدراسة، يبدو أنني قد فهمت كل شيء وأصبح الذي في نفسي كفاية، بل تحاول دائماً طول حياتك، وكلما قرأت كتاب الله تدعو الله دائماً أن يهديك بكتابه، وأن يوفقك لفهم كتابه لتزداد إيماناً، تزداد إيماناً، تزداد إيماناً.
حتى وإن وصلـت إلـى درجـة أولئـك: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (الأنفال: من الآية 2) وهل نحن وصلنا هذه؟ لا نزال بعيداً، {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ} يذكره أحد عندهم {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} تضطرب، ترتجف خشية من الله وخوفاً منه، هل قد وصلنا إلى جزء من هذه الدرجة؟ لا. إذاً لا يزال الطريق طويلاً داخل أنفسنا لنصل بها إلى هـذه الدرجـة - إن شـاء الله -.
{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (الأنفال: من الآية 2) ثلاث صفات مهمة جداً: خوف من الله، خشية من الله، اشتياق إلى الله توجل لـه القلوب، حرص على الهداية، معرفة لعظمة وقيمـة الهداية فيزدادون إيمانـاً كلمـا تليت عليهـم آيات الله، وكلهم ثقة بالله، ثقة قوية بالله، يتوكلون على الله {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.
لا نزال دون هذا المستوى في المجالات الثلاثة كلها، أليس كذلك؟ قد يقول البعض: [الحمد لله والله إن كل منا يعرف ما له وما عليه، وقد سمعنا الذي فيه الكفاية ويكفي، وسنمشي على الذي قد فهمناه وانتهى الموضوع].
حاول دائماً، دائماً، دائماً، هكذا، ومتى رأيت نفسك أنه ليس هناك شيء من مصادر الهداية إلا وأنت قد استكملته فاعرف بأن معرفتك قاصرة، فارجع إلى الله هو من لا يزال يعلم بأن هناك الكثير، الكثير مما أنت بحاجة إليه في ميدان الهداية وتقوية إيمانك، كـ [زين العابدين] من كان قمة في العبادة والتقوى، والفهم لكتاب الله سبحانه وتعالى، فلا يزال يقول: ((اللهم بلغ بإيماني أكمل الإيمان)).
إذا كنا لا نزال نحتاج إلى من يوجهنا، من يدفعنا إلى أن تكون نفوسنا فيها ذرة من روح الجهاد الذي هو من أعظم ما تناوله القرآن الكريم من أعمال المؤمنين فنحتاج إلى من يدفعنا ويشجعنا ويوعينا ويفهمنا، ونحتاج إلى بعضنا البعض. أليس هذا يدل على أننا لا نزال هابطين كثيراً؟ أيـن نحن من درجة أن تكون هذه مسألة مفروغ منها عندنا؟ فنحن الذين ننطلق إلى الآخريـن لنجعلهـم هـم مـن يحملـون الروحية التي نحملها؟ ألسنا لا نزال بعيدين عن هذه؟ مـا أكثـر المتوجسيـن فينـا ممـن لم يصل إلى درجة أن يقطـع على نفسه إلزامـاً بـأن يثقـف نفسـه بثقافـة القرآن بما فيها أن يحمل روحية الجهاد التي يريد القرآن منه أن يحملها! لا نستطيع - وأنا واحد منكم - أن نقطع بأننا وصلنا إلى هذه الحالة.
إذا كان زين العابدين عليه السلام يمكن فعلاً أن تصدق عليه تلك الصفات التي ذكرها الله للمؤمنين بما فيها الجهاد في سبيل الله، وإن كان الواقع الذي عاش فيه واقعاً مظلماً، أمـة هُزِمـت وقُهِرت، وأُذلِّت تحت أقدام يزيد، وأشباه يزيد، لكنه هو من عمل الكثير الكثير وهو يوجه، وهو يعلِّم، وهو يربي، أليس الإمام زيد هو ابنه؟ من أين تخرج الإمـام زيـد؟ إلا مـن مدرسة أبيه زين العابدين عليه السلام.
إن الحالـة التـي كـان فيهـا حالـة شديدة فعلاً، بالغة الشدة، النفوس مقهورة ومهزومة والأفواه مكممه، لكن زين العابدين من أولئك الذين يفهمون بأن المجالات دائماً لا تغلق أمـام ديـن الله فانطلق هو ليعلم ويربي، ويصنع الرجال، لأنه يعلم أنه إن كان زمانه غير مهيأ لعمل ما فإن الزمان يتغير فسيصنع رجالاً للمستقبل. وصنع فعلاً وخرج الإمام زيد (عليه السلام) شاهراً سيفه في سبيل الله، وترك أمة لا تزال تسير على نهجه من ذلك اليوم إلى الآن.
هو عبرة للعلماء، قدوة للمعلمين الذين يرون بأن الأوضاع قد أطبقت، والناس لم يعودوا بالشكل الذي يمكن أن يؤثر فيهم كلام، أو يحركهم كلام، لينطلقوا في نصر الحق، ومقاومة الباطل وإزهاقه، فليسلكوا طريقة زين العابدين، الإمام علي بن الحسين عليه السلام، اجمع ولو خمسة من الطلاب تختارهم ثم علمهم، قدم لهم الديـن كاملاً، ابعث في نفوسهم الأمـل، علمهـم الأمـل الذي يبعثه القرآن الكريم، لا تسمح بأن يكونوا عبارة عن نسخ للواقع الذي أنت فيه، لا تسمح أن تمتد هزيمتك النفسية إلى أنفسهم، حاول دائما أن تعلمهم كيف يكونون رجالاً، كيف يكونون جنداً لله، كيف يكونون من أنصار الله، كيف يعملون في سبيل الله لإعلاء كلمته ورفع رايته.
الكثير ممن يعلّمون لا ينطلقون هذا المنطلق، إمـا لأنه قد يرى أن بعض تلاميذه ليسوا ممن يثق بأن يكلمهم بكل شيء، إذاً فاختـر لـك تلاميـذ خاصيـن، تلاميـذ تختارهم ممن نفسياتهم قوية، ممن هم مؤهلون لحمل العلم، ممن هم مؤهلون لأن ينطلقوا للعمل في سبيل الله، فعلّمهم، وإن لم يكونوا إلا ثلاثة أشخاص، وإن لم يكن إلا شخصاً واحداً.
لا يجوز أن نمشي في حياتنا هكذا جيلاً بعد جيل، ومساجدنا تكتظ بحلقات العلم، وكثير من منازل علمائنا أيضاً تقام فيها حلقات العلم لكنها في معظمها حلقات باردة، لا تصنع أكثر من امتداد للواقع المظلم، وامتداد للهزيمة النفسية، نتوارثها جيلاً بعد جيل، يتلقاها التلميذ من أستاذه، وعندما يصبح هذا التلميذ أستاذاً أيضاً يحملها للآخرين ويلقنها للآخرين، ندرس فنوناً معينة، لا نتحدث بجدية عن مختلف المواضيع المهمة، حتى أصبح الواقع هو نسيان ما يجب أن يتحرك الناس فيه.
وكلنا نعرف ذلك الظرف القاهر الذي كان يعيشه زين العابدين (صلوات الله عليه)، لكـن علينا أن ننظـر مـاذا عمـل زين العابدين عليه السلام؟ بنى زيداً، وبنى الكثير من الرجال، الذين انطلقوا فيما بعد حركة زيدية جهادية جيلاً بعد جيل على امتداد مئات السنين.
هو نفسه كان يقول: ((اللهم بلغ بإيماني أكمل الإيمان)) وقد يكون في واقعه ليس ممن رضي لنفسه تلك الحالـة التـي كـان عليهـا، لكن ذلك هو أقصى ما يمكـن أن يعملـه، لا يستطيـع أن يخـرج هـو فيعلـن الدعوة إلى إعلاء كلمة الله ونصر دين الله، ليس لضعفه هو، أو لعدم كماله، وإنما رأى الناس من حوله كلهم مهزومين، كلهم مقهورين، فمن الذي يستطيع أن يحركهم؟
وهـذه أحيانـاً تحصـل، تحـدث وضعيـات كهذه، لكنها وضعيات هي نتيجة تقصير من قبل الناس أنفسهم يوم تخاذلوا مع علي (عليه السلام) كانت نتيجة تخاذلهم قوة للباطل في جانب بني أمية، جعلت مواجهتهم لذلك الباطل في أيام الإمام الحسن عليه السلام صعبة جداً، تخاذلوا معه أيضاً، جعلت المواجهة فـي أيـام الإمـام الحسيـن عليه السلام أكثـر صعوبة أيضاً، وصل الحال إلى أن يصبح واقع الأمة في عصر زين العابدين عليه السلام هو الانكسار، الهزيمة المطلقة، هي الظروف الصعبة، هي الحالات السيئة التي يصنعها تخاذل الناس.
هي حالات يخلقها - أحياناً - ضعف وعي ممن ينطلقون وإن كانوا تحت راية الإمام علي (عليه السلام) ويحملون اسم جند الله، وأنصار الله لكن وعيهم، لكن إيمانهم القاصر، إيمانهم الناقص أدى إلى أن يرتكبوا جناية فضيعة على الأمة.
أولئك [الخوارج]، الخوارج هم مجموعة من جند الإمام علي (عليه السلام) انشقوا عنه في أيام [صفين] بعد أن رفع معاوية وأصحابه المصاحف عندما أحسوا بالهزيمة وقالوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فأولئك المتعبدون على جهل، الجنود الذين هم غير واعين تأثروا بتلك الدعاية! وهكذا سيحصل في كل عصر لأي فئة وإن انطلقوا تحت اسم أنهم جنود لله، وأنصار لله، إذا كان إيمانهم ناقصاً، سيجنون على العمـل الـذي انطلقـوا فيه، سيجنون على الأمة التي يتحركون في أوساطها، سيجنون على الأجيال من بعدهم، وهم من انطلقوا باسم أنهم يريدون أن ينصروا الله، وأن يكونوا من جنده لكن إيمانهم ناقص، ووعيهم ناقص.
إذا كان ولابد كما هو الحال بالنسبة لواقعنا والأمة في مواجهة صريحة مع اليهود والنصارى، مع أمريكا وإسرائيل ونحن في زمنٍ بلغ التضليل فيه ذروته في أساليبه الماكرة، فـي وسائلـه الخبيثـة، فـي خداعـه الشديد، فإن المواجهة تتطلب جنداً يكونون على مستوى عالٍ من الوعي.
زين العابدين (عليه السلام) صاغ صحيفته بشكل دروس، في الوقت الذي هي دعاء، دروس وتوجيهات وحقائق، صاغها بشكل دعاء. هـو مـن عـرف ماذا صنع ذلك الإيمان الناقص، أولئك الجند الذين ينقصهم الكثير مـن الوعـي، أيـام جـده علي بن أبي طالب عليه السلام، أيام الحسن عليه السلام، وأيام الحسين عليه السلام، كـان أمامـه تاريـخ رأى فيـه مـا تركـه الإيمان الناقص من أثر سيء، الجهل، قلة البصيرة، ضعف البصيرة، عدم الوعي.
أتظنون أن انتصار الدولة الأموية، وتمكنها لتقهر الآخرين، ثم تمكنها لأن تصنع أمة أخرى غير الأمة التي أراد محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يبنيها من ذلك الزمان إلى الآن؟ أنه فقط قوتهم، بل تخاذل من هم يحملون اسم جند الحق، قلة إيمانهم، ضعف إيمانهم، ضعف وعيهم. لماذا انتهت معركة صفين دون هزيمة لمعاوية، وكانت مؤشرات الهزيمة بدأت؟ عندما تخاذل أولئك الجنود من صف الإمام علي عليه السلام وتحت رايته.
لماذا وقد تحرك الإمام الحسن عليه السلام ليواصل المسيرة، مسيرة والده الإمام علي عليه السلام فآل الحال إلى أن يقف مقهوراً ويأخذ ما يمكن من الشروط لتأمين مجتمع أهل العراق، عندما تخاذل أصحابه. الإمام الحسين عليه السلام آلت قضيته إلى أن يقتل في كربـلاء، بسبـب مـاذا؟ تخـاذل أصحابـه، التخاذل الذي يصنعه ضعف الإيمان، قلة اليقين، انعدام الوعي.
وكان الإمـام علـي (عليـه السلام) يحذِّر، وعندما كان يحذر كان يوجه تحذيره إلى جيشه، إلى أصحابه، وليـس إلـى جيـش معاويـة، يقول لأهل العراق: ((والله إني لأخشى أن يدال هؤلاء القوم منكم لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)). كان جيش معاويـة يجتمعـون تحـت رايته لكن أصحاب الإمـام علي عليه السلام كانوا يتخاذلون ويتثاقلون، والتفرق قائم بينهم، لا يتحركون إلا بعد عناء وتعب شديد وتحريض مستمر.
ما الذي جعلهم على هذا النحو؟ هو قلة إيمانهم فلهذا كان زين العابدين (عليه السلام) يوم صاغ هذا الدعاء [دعاء مكارم الأخلاق] صدّره بهذه الفقرة المهمة ((اللهم بلغ بإيماني أكمل الإيمان)) فأنا رأيت ما عمله ضعف الإيمان في الأمة، ما عمله في الإسلام، ما عمله الإيمان الناقص من آثار سيئة، عدم وعي إلى درجة رهيبة أن يكون أولئك الناس الـذي بينهم علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، لكنهم عندمـا كانوا يرون أنفسهم لا يخافون علياً عليه السلام يأمنون جانبه، كان يكثر شـقـاقـهـم، ونـفـاقـهـم، وكلامـهـم، ومخالفاتهـم، وتحليلاتهم وتمردهم، وأذيتهم.
هكـذا يعمـل النـاس الذيـن وعيهـم قليـل، مـن لا يعرفون الرجال، من لا يقدرون القادة المهمين، لأني أنـا آمن جانب علي لا أخاف أن يقتلني على التهمة أو الظِنة كما كان يعمل معاوية، لا أخاف أن يدبر لي اغتيالاً، لا أخـاف أن يصنـع لـي مشاكـل، لا أخاف أن يوجد لي خصوماً يصنعهم من هنا أو من هنا فكانوا يأمنون جانبه.
وفعلاً من الذي سيخاف من الإمام علي أن يمكر به، أو يخدعه، أو يضره، أو يؤلـب عليـه خصومـاً مـن هنـا وهناك يصنعهم، كما يعمل الكثير من [المشايخ]؟ أليس الكثير من المشايخ يعملون هكذا؟ إذا لم تسر في طريقه فإنه يحاول أن يمسك عليك بعض وثائقك [بعض البصائر] ويحاول أن يوجد لك غريماً من هنا وغريماً من هناك، لترجع إليه راغماً، الناس الذين وعيهم قاصر، إيمانهم ضعيف هم الذين يعيشون حالة كهذه، كلام كثير وتحدٍ وتحليلات وتثاقل وتثبيط، وهم في ظل شخص عظيم كعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأنهم يأمنونه.
انظر إلى شخص ذلك القائد العظيم، سترى نفسك آمناً في ظله، إذاً هو الشخص الذي يجب أن أكون وفياً معه، إن حالـة الشعـور نحـوه بأنني آمن جانبه يعني أنه رجل عدل، رجل إيمان، رجل حكمة، فهذا هو الـذي يجـب أن أفـي معه أن أقف بجانبه وأن أضحي تحت رايته بنفسي ومالي، هي الحالة التي لا يحصل عليها أتباع الطواغيت حتى أبناؤهم، حتى أسرهم، حتـى أقـرب المقربيـن إليهـم لا يحصلـون علـى هذه الحالة، لأنه يعرف ربما ابنه يخدعه، يمكر به ويأخـذ السلطـة، ربمـا قائـده ذلك العظيم يخدعه ويمكر به ويأخذ السلطة، فهو يخطط له في الوقت الذي هو ينفذ مهامه، القائد يخاف، وهو يخاف، المستشار خائف منه، وهو خائف من مستشاره، هكذا، ومن يعرف الدول هكذا يكون حالهم.
هكذا يكون حال الناس في الدول الطاغوتية، وهكذا يخاف الناس حتى وهم يعملون لله. أليس هذا هـو مـا يحصل؟ في البلاد الإسلامية على طولها وعرضها، من هو ذلك المؤمن الذي يقول كلمة حق وهو لا يخاف، يخاف أولئك الذين هم من كان يجب أن يصدعوا بالحـق، وأن يـعـلـو رأس هـذه الأمـة، وأن يـرفـعـوا رايتها؟ لكن هكذا يصنع ضعف الإيمان. فمتى ما جاء لأهل العراق كـ (صدام) أو كـ (الحجاج) انقادوا وخضعوا وتجاوبوا وخرجوا بنصف كلمةيصدرها فيتجاوبون سريعاً!
لكن الإمـام علياً (عليه السلام) كان يقول لأهل العراق: ((قاتلكم الله لقد ملأتم صدري قيحاً)) وكان يوبخهم ((يا أشبـاه الرجـال ولا رجـال)) يوبخهم، لا يخرجون ولا يتحركون، إلا بعد الخطب البليغة، والكلمات الجزلة، والكلمات المعاتبة، والكلمات الموبخة، والكلمات المتوعدة بسخط الله، والمتوعدة بسوء العاقبة في الدنيا حتى يخرجوا، فإذا خرجوا خرجوا متثاقلين، مثبطين داخلهم، لأنهم كانوا يأمنون جانبه.
هل هذا هو السلوك الصحيح لأمة يقودها مثل علي؟ ثم إذا قادها مثل الحجاج ومثل يزيد ومثل صدام تنقاد ويكفيها نصف كلمة! ما هذا إلا ضعف الإيمان، ضعف الوعي، عدم البصيرة.
فـي ذلـك الوقـت الذي كانت تثير تلك الحالة دهشة القليل من أصحاب الإمام علي (عليه السلام)، الذين كانوا يعرفون عظمة ذلك الرجل، ثم يندهشون وهم ينظرون إلى تلك المجاميع الكثيرة الشقاق والنفاق والتثبط والتراخي والكلمة المفسدة المثبطة من أطرف منافق فيهم تحطمهم وتجعلهم يتقاعدون، كان هناك مجموعة واعية لكنها كانت قليلة.